حشيّة القشّ
صحافيون - اكرام الزعبي
"شعب نحن أم حشيّة قشّ : يتدرّب علينا هواة الملاكمة ، منذ هولاكو ، وحتى الجنرال الأخير" . هذا القول للشاعر الأردني - المنتحر بعروبته - تيسير سبول . أذكره كلما شعرت بأننا كعرب نخضع لمخطط جديد . فيلم داعش الذي أحرق به شهيدنا البطل معاذ الكساسبة ، أيقظ برأسي عبارة السبول . الطريقة الي تناقل بها الإعلام الفيلم تثبت أن في القصة مؤامرة ؛ فلماذا إذن يروّجون أفلام داعش ويعيدون إرسال رسالة التنظيم المتوحّش ؟ ولماذا لا توصف داعش حصريّاً بالتنظيم الإرهابي ؟
هي المؤامرة . فعدا عن التواطؤ على نشر الرعب الداعشي ، هناك مديح لا يتوقف لتقنيات إنتاج فيلم معاذ ! بل أن صحيفة النهار اللبنانية المرموقة قد أفردت ملفاً كاملاً فيه مقالين يصفان الجانب الهوليوودي من الفيلم المُتقن . الرسالة أن هذا ليس مجرّد فصيل إرهابي يعتلي الجحور ، بل أن بين صفوفه أشخاصاً محترفين بهذا المستوى . وماذا بعد ؟ بقي على الإعلام العربي أن يضع الفيلم كفاصل إعلاني بين الأخبار . ويتكرر الأمر مع الفيديو المأساوي لذبح العمال الأقباط .
شاء الله أن يكون شهيدنا منارة تكشف الكثير من النوايا ؛ فمن خلاله اكتشف من لم يعرف بعد حجم الأموال الهائلة التي تمَ تزويد داعش بها – قبل وبعد استيلائهم على آبار دير الزور والموصل وغيرها . انكشف أمامنا المسرح المتروك لداعش بكاميراته وتقنياته ، وبتمويلنا : تمويل عرب البترودولار ، وبوساطة الخليفة الحالم باستعادة مجد غابر .
داعش هي ( الصناعة ) الحربية الجديدة ، هي الحرب العالمية الرابعة التي يخوضونها بدمنا وعلى أرضنا . بهذا يحوّل الغرب مسار المعركة من الإتجاه الإسرائيلي ودولته الدينية الى إتجاه داعش ودولتها الدينية – أيضاً . فإذا كانت اسرائيل تريد اعلان نفسها دولة دينية معترفاً بها ، فتلك داعش بالمقابل دولة دينية خُلِقت لتوازن اسرائيل وتبرر وجودها ! الخدعة كاملة الأوصاف ! وموثّقة كل يوم بالفيديوهات والدمّ والنار .
بالعودة للفيديوهات هناك هدف أكبر يتحقق من صناعها ونشرها : هي تختزل جهد تاريخي كبير جداً صرفه الغرب على تشويهنا من كتب المستشرقين والرحالة ، مروراً برسومات الفنانين ، وليس انتهاءً بتكريس الصورة الإرهابية للعربي والمسلم في السينما . اليوم الكلفة صارت أرخص بكثير : إنتاج وتربية فصيل إرهابي ، وتسميته إسماً اسلامياً ، فيحارب الإسلام من قبل المسلمين ، وتدمّر بلادهم وبأموالهم ، على رإي المثل الفلسطيني " زيتنا بدقيقنا " .
التصنيف: شهادات